اولا :ما هو التضخم؟ ولماذا يرتفع ؟

في 2024 و2025، شهد العالم موجة تضخمية جديدة نتيجة تبعات جائحة كورونا، والحرب في أوكرانيا، وتغير سلاسل التوريد العالمية، إضافة إلى قرارات مالية محلية في عدة دول.

اذا ماهو التضخم؟

التضخم ببساطة هو ارتفاع مستمر في أسعار السلع والخدمات بمرور الوقت، ما يعني أن قيمة المال الذي في يدكِ تنخفض. بمعنى آخر: نفس المبلغ يشتري أقل مما كان يشتريه في السابق.

يرتفع التضخم لعدة أسباب، من أبرزها:

  • زيادة الطلب على السلع مقابل انخفاض العرض، كما يحدث بعد الأزمات أو الحروب.

  • ارتفاع تكلفة الإنتاج، مثل الطاقة أو المواد الخام، ما يدفع الشركات لرفع الأسعار.

  • السياسات النقدية التوسعية، مثل طباعة النقود بكثافة دون تغطية إنتاجية، كما حدث في بعض الدول مؤخرًا.

لماذا يهمك كمستثمرة أو قائدة أعمال؟

يهمك كمستثمرة أو قائدة أعمال لأن التضخم ليس مجرد رقم في نشرات الأخبار، بل هو مرآة مباشرة لتكاليفك وأرباحك واستراتيجياتك. ارتفاعه يعني زيادة في أسعار المواد الخام والأجور والخدمات، ما يضغط على هوامشك التشغيلية. كما أنه يحدد قدرة عملائك الشرائية، وبالتالي حجم الطلب على منتجاتك أو خدماتك. إضافة إلى ذلك، فهو يؤثر على قرارات التمويل، إذ ترتفع معدلات الفائدة غالبًا مع التضخم، ما يجعل توقيت الاقتراض أو التوسع الاستثماري مسألة دقيقة. وعلى المستوى العالمي، تغيرات التضخم في الاقتصادات الكبرى تنعكس على أسعار الصرف وسلاسل الإمداد والتجارة الدولية، مما يتطلب منك متابعة يقظة ورؤية مرنة. باختصار، فهمك لمؤشر التضخم هو أداة استراتيجية لحماية أعمالك من المخاطر واغتنام الفرص في بيئة اقتصادية متقلبة.

أداة استراتيجية في يد سيدات الأعمال لننظر إلى كيفية استخدامه عملياً:

 لاتخاذ قرارات مستنيرة وحماية أعمالك وتعظيم أرباحك.

إليك كيفية استخدام سيدات الأعمال لمؤشر التضخم عملياً، مع أمثلة واضحة:

 أولاً: فهم المؤشر الأساسي (لماذا نهتم؟)

مؤشر التضخم (مثل مؤشر أسعار المستهلكين CPI) يقيس التغير في متوسط أسعار سلة من السلع والخدمات over time. ببساطة، هو يخبرك *بمقدار انخفاض القوة الشرائية لأموالك (ولأموال عملائك).

 

 ثانياً: التطبيقات العملية في عالم الأعمال (الكيفية)

 1. التسعير الاستراتيجي للسلع والخدمات

المشكلة:

إذا رفعت الأسعار بطريقة عشوائية، قد تفقدين عملائك.

الحل باستخدام التضخم: استخدمي معدل التضخم كـ (مرجعية أدنى) لزيادة الأسعار.
مثال توضيحي:

إذا كان معدل التضخم 8%، فهذا يعني أن تكلفة المعيشة ارتفعت بهذا المقدار. يمكنك زيادة أسعارك بنسبة 8% فقط للحفاظ على هامش ربحك الحقيقي (بدون أن ينخفض). إذا كان لديك قيمة مضافة (جودة أفضل، خدمة مميزة)، يمكنك زيادة السعر بنسبة 10-12%، مع شرح السبب للعملاء (ارتفاع تكاليف التشغيل والجودة).

 2. إدارة التكاليف والميزانيات

المشكلة:

مفاجأة بارتفاع فواتير الكهرباء، الإيجار، الرواتب، والمواد الخام.

الحل باستخدام التضخم: توقعي هذه الزيادات مسبقًا.

مثال توضيحي :

عند وضع الميزانية للعام القادم، اضافي نسبة التضخم المتوقعة (أو متوسط التضخم للعام الماضي) على جميع تكاليفك. إذا كانت ميزانيتك للإيجار والمرتبات والمواد 100,000 ريال ومعدل التضخم 5%, ضعي في ميزانيتك 105,000 ريال. هذا يحميك من صدمة التكاليف.

 3. التفاوض مع الموردين والعملاء


المشكلة:

يطالبك المورد بزيادة سعر المواد بنسبة 15%.


الحل باستخدام التضخم: يكون لديك حجة قوية للتفاوض. يمكنك مناقشة الزيادة بناءً على بيانات التضخم الرسمية. “أرى أن التضخم العام هو 7%، فهل يمكننا الاتفاق على زيادة تتناسب مع هذا المعدل؟” نفس الفكرة تنطبق على التفاوض على عقود طويلة الأجل مع العملاء، حيث يمكنك إدراج بند يرتبط بتعديل السعر بناءً على مؤشر التضخم.

 

 4. التخطيط المالي ومراجعة الأرباح “الحقيقية”

المشكلة:

قد تظهر أرباحك في القوائم المالية أنها ارتفعت بنسبة 5%، ولكن في الواقع قيمتها الحقيقية انخفضت.

الحل باستخدام التضخم:

 قومي بخصم معدل التضخم من نسبة نمو أرباحك لتعرفي *نموك الحقيقي*.
مثال توضيحي:

إذا كانت أرباحك نمت بنسبة 10% ومعدل التضخم 7%، فإن **نموك الحقيقي هو 3% فقط (10% – 7% = 3%). هذا يغير منظورك تمامًا لنجاح أداء عملك ويحفزك على البحث عن استراتيجيات نمو أقوى.

5. تحديد الرواتب والحوافز للموظفين


المشكلة:

 إذا لم تزيدي رواتب موظفيك، فإن قوتهم الشرائية تتراجع وستفقدين الكفاءات.


الحل باستخدام التضخم: اعتبري معدل التضخم *أدنى حد*  لزيادة الرواتب للحفاظ على المستوى المعيشي لموظفيك. هذا يبني الولاء ويظهر أنكِ صاحبة عمل تدرك الظروف الاقتصادية.

 

 6. اتخاذ قرارات الاقتراض والاستثمار

*الاقتراض:

 إذا كان سعر الفائدة على القرض *أقل* من معدل التضخم المتوقع، فإن القرض يصبح “رخيصًا” بشكل حقيقي، لأنك ستردينه في المستقبل بأموال قيمتها أقل. هذه فرصة ذكية للتمويل.


الاستثمار: يجب أن يكون العائد المتوقع على أي استثمار جديد (مثل شراء آلة جديدة، فتح فرع) أعلى* من معدل التضخم. وإلا فإن استثمارك يفقد قيمته بمرور الوقت.

 خطة عمل عملية لسيدة الأعمال:

 

مؤشر التضخم هو (سلاح استباقي) في يد سيدة الأعمال الذكية. لا تنتظري حتى تضربك تأثيراته، بل استخدميه للتنقل في البيئة الاقتصادية بثقة، وحماية عملك، وضمان نموه (الحقيقي)  وليس الظاهري فقط.

 

1. تابعي:

حددي مصدرًا موثوقًا لمؤشر التضخم في بلدك (غالبًا الهيئة العامة للإحصاء أو البنك المركزي). تابعيه شهريًا وسنويًا.

2. حللي:

كيف أثر التضخم على تكاليفك الخاصة؟ (قارني فواتيرك القديمة بالجديدة).

3.توقعي:

استخدمي توقعات الاقتصاديين لمعدل التضخم في السنة القادمة لوضع ميزانيتك.

4.قرري:

استخدمي هذه البيانات في قراراتك السنوية للتسعير، والمرتبات، والشراء.

5. تواصلي:

اشرحي للعملاء والموظفين أسباب قراراتك (مثل زيادة الأسعار أو الرواتب) باستخدام بيانات التضخم كحقيقة موضوعية، مما يعزز الشفافية والثقة.

 

الاستيراد الذكي: كيف تحمين مشروعك من مخاطر التضخم والتقلبات في تركيا؟

“التضخم ليس عدواً للمستوردين، بل فرصة لإعادة هندسة سلاسل التوريد” 

— داني رودريك، أستاذ الاقتصاد الدولي، جامعة هارفرد

ماهو الاستيراد الذكي ؟

الاستيراد الذكي هو نهج إداري ومالي يتضمن:

  1. تحليل ديناميكيات السوق التركي بانتظام (التضخم، سعر الصرف، السياسات الضريبية).

  2. بناء علاقات مباشرة مع المصانع المحلية لتقليل التكاليف الوسيطة.

  3. توقيع عقود توريد مرنة أو محمية بالتحوط (hedging) ضد تقلبات العملات.

  4. تقدير هوامش الربح بعد احتساب التضخم (مثل: تكلفة المنتج × معدل التضخم السنوي = هامش المخاطرة).

  5. التنويع الجغرافي لمصادر الاستيراد لضمان التوازن في حالة تغيرات السوق

في ظل ما تشهده تركيا من موجات تضخم متسارعة وتذبذب حاد في سعر الصرف، أصبح استيراد السلع من السوق التركي تحديًا مركّبًا لا يُدار فقط بالحس التجاري، بل بالوعي الاقتصادي والاستراتيجي. ففي مايو 2025، بلغ معدل التضخم الرسمي 35.41%، بينما تذهب تقديرات الجهات البحثية المستقلة مثل مجموعة ENAG إلى أكثر من 71%، ما يخلق فجوة كبيرة بين التكاليف المتوقعة والواقع الفعلي على أرض السوق. لكن هذا لا يعني أن الاستيراد من تركيا لم يعد مجديًا، بل إنه يستدعي تحولًا من نمط “الشراء الرخيص” إلى “الاستيراد الذكي” المبني على تقييم دقيق للمخاطر.

 

مشهد التضخم التركي (مصادر رسمية) خلال الفترة 2020-2025

من عام 2020، بدأت تركيا تشهد ارتفاعاً ملحوظاً في معدلات التضخم. ففي عام 2020 كان معدل التضخم 12.28 %، ثم ارتفع إلى 19.60 % في 2021، قبل أن يصل إلى ذروة تاريخية بنسبة 72.31 % في 2022 ، هذا القفز الكبير جاء نتيجة انخفاض كبير في قيمة الليرة وتدخلات البنك المركزي غير التقليدية وخفض الفائدة باستمرار . في عام 2023، استهلت السلطات التركية سياسة تقليدية لمكافحة التضخم، حيث ارتفعت أسعار الفائدة لتصل إلى 42.5 % في نهايته، ما أدى إلى تراجع التضخم إلى 53.86 % بحلول منتصف 2024، ارتفع معدل الفائدة إلى 50 %، ليساهم في خفض معدل التضخم تدريجياً من 75.45 % في مايو إلى حوالي 44–47 % بحلول أواخر العام. وفي أوائل 2025، وبدعم من السياسة النقدية المتشددة، تراجع التضخم السنوي إلى نحو 39–42 %

الخلاصة: ارتفع التضخم التركي بشكل حاد من ~12 % إلى 72 % بين 2020–2022، ثم بدأ في التراجع التدريجي إلى نحو 40 – 45 % بحلول أوائل 2025، مدفوعًا بسياسات نقدية تقليدية وأسعار فائدة مرتفعة.

( المصدر :  Turkish Statistical Institute (TURKSTAT))

كيف تحسبين تأثير التضخم على مشروعكِ؟

تكلفة المنتج × (1 + معدل التضخم) أي: 100 × (1 + 0.30) = 130 ليرة

لفهم مدى تأثير التضخم على تكاليفكِ وربحيتكِ، إليكِ ثلاث خطوات عملية:

1. احسبي التكلفة الأصلية لمنتجكِ أو خدمتكِ.
مثال: إذا كانت تكلفة المنتج = 100 ليرة.

2. حددي معدل التضخم السنوي في بلدكِ.
مثال: إذا كان معدل التضخم = 30% (0.30 كنسبة عشرية).

3. استخدمي المعادلة التالية:

تكلفة المنتج × (1 + معدل التضخم)
أي: 100 × (1 + 0.30) = 130 ليرة

بمعنى أن تكلفة نفس المنتج بعد عام ستصبح 130 ليرة إن لم تُغيّري في الإنتاج.

نصيحة: راجعي أسعاركِ بشكل دوري، ولا تترددي في تعديلها بما يواكب التضخم، مع الحفاظ على جودة المنتج وتقديم قيمة حقيقية لعميلاتكِ. … مثال تطبيقي 

العنصرالتكلفة الحاليةمعدل التضخمالتكلفة المستقبلية بعد سنة
قماش تركي (متر)100 ليرة30%130 ليرة
شحن حاوية1200 دولار10%1320 دولار

حاسبة تأثير التضخم على الاستيراد في تركيا

نوع القطاع:




🔍 ملاحظة مهمة: تم تصميم هذه الأداة لتقدير الأثر التقريبي للتضخم التركي على استيراد مشروعكِ في قطاعات مختارة. النتائج مبنية على بيانات تضخم رسمية (مثل مؤشر HICP من Eurostat) وتقديرات ميدانية محدثة لعام 2025. تهدف الأداة إلى مساعدتكِ على اتخاذ قرارات أولية ذكية، لكنها لا تغني عن إجراء دراسة جدوى تفصيلية أو استشارة مالية متخصصة.

دراسات حالة واقعية (مستوردات خليجيات)

نماذج نجاح:
الدراسةالتحديالحلالنتيجةالدليل
أمل (الإمارات): استيراد ملابسارتفاع سعر الجينز ٤٥٪التحول لمصنع في مرسين + دفع ٥٠٪ بالليرةتوفير ٢٢٪ شهريًاعقد المصنع
نورة (السعودية): مستحضرات تجميلتضخم مواد الخام ٣٠٪إنشاء علامة خاصة + شراء مباشر من المصانعزيادة الربح ٤٠٪شهادة المنتج
شيخة (الكويت): مفروشاتأزمة الأخشاب العالميةتخزين استراتيجي + عقود سنويةتجنب خسائر ١٥٠ ألف دولار 

خريطة المصانع البديلة (مدن منخفضة التكلفة)

 
المدينةتوفير التكاليفأفضل قطاعاتهاجهات الاتصال المباشرة
قيصري15-20%ملابس جاهزةinfo@kayseritextile.com
دنيزلي10-18%مفروشات قطنيةexport@denizlihome.com
غازي عنتاب12-22%مستحضرات تجميلsales@gaziantepcosmetic.com

 

بالاعتماد على أدبيات الاقتصاد الدولي، وتقارير خبراء إدارة الأزمات مثل Harvard Business Review وWorld Bank Group، وآراء مختصين بارزين مثل نورييل روبيني (خبير الأزمات الاقتصادية) وداني رودريك (خبير التجارة العالمية)، إليك مجموعة نصائح تطبيقية موجّهة خصيصًا لـ سيدات الأعمال اللاتي يستوردن من تركيا في ظل موجات التضخم وارتفاع سعر الصرف:



6 استراتيجيات لحماية مشروعك من التضخم التركي (موصى بها من كبار الخبراء)

  1. قومي بتثبيت الأسعار مع الموردين عبر عقود طويلة الأجل نصيحة من خبير إدارة المخاطر في Deloitte: العقود السنوية أو نصف السنوية تساعدك على التفاوض على سعر ثابت بالليرة التركية أو نسبة خصم في حال ارتفاع الدولار، مما يقلّل من تقلب التكاليف.
  2.  انقلي جزءًا من سلسلة التوريد إلى السوق المحلي أو أسواق بديلة وفقًا لـ World Economic Forum: التنويع الجغرافي للموردين يحميكِ من التضخم المحلي. يمكنكِ مثلاً مقارنة أسعار تركيا ببولندا أو مصر في بعض القطاعات مثل الملابس والمفروشات.
  3.  تفاوضي على الدفع بالعملة المحلية أو بالدفع المؤجل من توصيات صندوق النقد الدولي في الأسواق المتقلبة: إذا استطعتِ الدفع بالليرة التركية (TRY) بدلاً من الدولار أو الاتفاق على دفعات مؤجلة، فأنتِ تنقلين عبء التضخم إلى الطرف المورد
  4. استثمري في أدوات تحوط العملة الأجنبية (FX Hedging)  نصيحة من N. Roubini: يمكن لشركات الاستيراد فتح حسابات تحوط عملة أو عقود آجلة بالتعاون مع بنوك محلية أو وسطاء ماليين موثوقين 
  5. تابعي مؤشرات التضخم الرسمية شهريًا وخططي بناءً عليها من توصيات McKinsey:
    اجعلي من عادة فريقك المالي متابعة تقارير هيئة الإحصاء التركية (TÜİK) وEurostat لتعديل الأسعار والخطط التسويقية كل ربع سنة على الأقل.

  6. ارفعي وعي العميل تدريجيًا بتغيرات الأسعار  من Harvard Business Review: بدلاً من رفع السعر فجأة، اعملي على تسويق الزيادة تدريجيًا عبر برامج ولاء أو تحويل القيمة المضافة إلى مزايا واضحة للعميلة (جودة، تصميم، استدامة…).

Scroll to Top